الموت

بالنسبة لغير المؤمنين، فإن الموت هو نهاية الفرصة المتاحة لقبول نعمة الله للخلاص. "وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنُونَةُ" (عبرانيين 9: 27). أما بالنسبة للمؤمنين
16 مارس 2019 - 20:43 بتوقيت القدس

هل تخاف الموت؟

الموت هو انتهاء حياة الانسان على هذه المسكونة، فيها يتوقف الجسم الحيّ عن الحياة، إذ يتوقف كلّ من القلب والرئتين توقفًا بلا عودة فيتحول الانسان إلى جثة هامدة، يتوقف عن العمل فيها كلّ أعضاء وعناصر الحياة.

تعددت المفاهيم والتعريفات بخصوص ماهية "الموت"، إلا أنّ الموت من ناحية عضوية-جسدية يدركه البشر جميعًا ويفهمون كنهه، وغالبًا ما يتشارك الجميع في الحُزن والألم بسبب موت قريب أو عزيز مع اختلاف نوعية وكيفية هذا الحزن. فوصيّة الرّبّ تتوجه للمؤمنين لتحثهم لكيلا يحزنوا بالشكل الذي قد يوهم بضعف الرجاء الحيّ لديهم "ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ" (1 تسالونيكي 4: 13).

ومع أن كل البشر يدركون مفهوم الموت العضوي-الجسدي ويتفقون عليه لأنه مرئي وواضح لهم، إلا أن هنالك اختلافات عديدة من حيث مفهومهم لأبعاده، فغالبًا ما نلاحظ ثلاثة توجهات لمفهوم الموت الجسدي لدى المجموعات المختلفة من البشر:

1. يعتبر البعض أن الموت الجسدي هو فناء أو هلاك الانسان، أي في لحظة الموت أنتهى كل ما فيه، وهذه اللحظة نهاية المصير لكل الكائن البشري.

2. يعتبر الهندوس والبوذيّين (وبعض أديان الشرق الأقصى والأوسط) أن الموت الجسدي هو فرصة لتناسخ الأرواح. وفقًا لهذا الايمان تعود روح المتوفى إلى العالم لتتجسد في شخص آخر أو كائن حيّ (حيوان أو نبات)، وقد تحصل هذه العملية مرّة واحدة، أو عدّة مرات، وحتى إلى ما لا نهاية.

3. الموت هو انفصال الروح عن الجسد وانتقالها لمصير أبديّ، وقد يكون المصير الأبديّ واحدًا من اثنين:

أ. موت أبدي: أي البعد الأبدي عن الله في العذاب والجحيم.

ب. حياة أبدية: أي العيش في محضر الله إلى أبد الآبدين.

فيما يلي تطرق موجز لهذه التوجهات من وجهة نظر الكتاب المقدس:

1. قد يعتبر المُلحدون أن الموت فناء، وعليه يبنون نظريتهم في الحياة من أجل المتعة الذاتية، فغالبًا ما يكون شعارهم «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!». لكن الرسول بولس يؤكد أنه يُجاهد في خدمة الرّبّ ونشر بشارته، ويتحملّ كل اضطهاد وضيق وألم لأجل الرجاء الأكيد في المسيح يسوع، ويسأل بشكل استنكاري «إِنْ كُنْتُ كَإِنْسَانٍ قَدْ حَارَبْتُ وُحُوشًا فِي أَفَسُسَ، فَمَا الْمَنْفَعَةُ لِي؟ إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، «فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ!» (1 كورنثوس 15: 32). لقد ناقش بولس موضوع القيامة من الموت بتفصيل في (1 كورنثوس 15) مؤكدًا حقيقة القيامة "وَلكِنْ إِنْ كَانَ الْمَسِيحُ يُكْرَزُ بِهِ أَنَّهُ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ، فَكَيْفَ يَقُولُ قَوْمٌ بَيْنَكُمْ إِنْ لَيْسَ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ؟ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ قِيَامَةُ أَمْوَاتٍ فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ! وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلَةٌ كِرَازَتُنَا وَبَاطِلٌ أَيْضًا إِيمَانُكُمْ، وَنُوجَدُ نَحْنُ

أَيْضًا شُهُودَ زُورٍ للهِ، لأَنَّنَا شَهِدْنَا مِنْ جِهَةِ اللهِ أَنَّهُ أَقَامَ الْمَسِيحَ وَهُوَ لَمْ يُقِمْهُ، إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ. لأَنَّهُ إِنْ كَانَ الْمَوْتى لاَ يَقُومُونَ، فَلاَ يَكُونُ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ. وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَسِيحُ قَدْ قَامَ، فَبَاطِلٌ إِيمَانُكُمْ. أَنْتُمْ بَعْدُ فِي خَطَايَاكُمْ! إِذًا الَّذِينَ رَقَدُوا فِي الْمَسِيحِ أَيْضًا هَلَكُوا! إِنْ كَانَ لَنَا فِي هذِهِ الْحَيَاةِ فَقَطْ رَجَاءٌ فِي الْمَسِيحِ، فَإِنَّنَا أَشْقَى جَمِيعِ النَّاسِ. وَلكِنِ الآنَ قَدْ قَامَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ وَصَارَ بَاكُورَةَ الرَّاقِدِينَ. فَإِنَّهُ إِذِ الْمَوْتُ بِإِنْسَانٍ، بِإِنْسَانٍ أَيْضًا قِيَامَةُ الأَمْوَاتِ. لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ، هكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ" (1 كو 15: 12 -22). كذلك أيوب منذ غابر الزمان أدرك حقيقة أبدية الروح وعبّر عن ايمانه هذا أروع تعبير في كلماته "أَمَّا أَنَا فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ، وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي هذَا، وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ. الَّذِي أَرَاهُ أَنَا لِنَفْسِي، وَعَيْنَايَ تَنْظُرَانِ وَلَيْسَ آخَرُ. إِلَى ذلِكَ تَتُوقُ كُلْيَتَايَ فِي جَوْفِي." (أيوب 19: 25-27).

2. أما بخصوص تناسخ الأرواح فالكتاب المُقدس يؤكد أن هذا التوجّه ليس له أي أساس كتابيّ، فالكلمة واضحة "... وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ الدَّيْنُونَةُ..." (عبرانيين 9: 27). فلا مجال لفرص أو تحولات أخرى بعد الموت، بل مواجهة المصير الأبدي وفقًا للحياة الواحدة والوحيدة على الأرض.

3. كلمة الله الحيّة في الكتاب المقدس، تُعلِن وتؤكد التوجّه الثالث، أي حقيقة القيامة ومقابلة الانسان (روح الانسان) للمصير الأبدي بعد الموت مرة واحدة. فيما يلي بعض الأوصاف المذكورة في الكتاب المقدس عن الموت والتي تلقي إضاءات على حقيقته واقترانه باللقاء مع المصير الأبدي:

الموت لغير المؤمن:

* مخيف

الرّبّ إلهنا "محبة"، إله حنون ورحوم، طويل الروح والرأفة، يتأنى علينا نحن البشر لنتوب عن خطايانا مؤمنين بعمل المسيح الكفاري لأجلنا على الصليب. ولكن دينونة الله معلنة على شرّ الانسان ورفضه للخلاص الإلهي، فما أرهب هذا اللقاء بين الإنسان الرافض خلاص المسيح وبين الإله القدوس، أنه حقًا مخيف الوقع بين يديّ الله بدون الاستفادة من عمل المسيح لأجلنا. "مَنْ خَالَفَ نَامُوسَ مُوسَى فَعَلَى شَاهِدَيْنِ أَوْ ثَلاَثَةِ شُهُودٍ يَمُوتُ بِدُونِ رَأْفَةٍ. فَكَمْ عِقَابًا أَشَرَّ تَظُنُّونَ أَنَّهُ يُحْسَبُ مُسْتَحِقًّا مَنْ دَاسَ ابْنَ اللهِ، وَحَسِبَ دَمَ الْعَهْدِ الَّذِي قُدِّسَ بِهِ دَنِسًا، وَازْدَرَى بِرُوحِ النِّعْمَةِ؟ فَإِنَّنَا نَعْرِفُ الَّذِي قَالَ: «لِيَ الانْتِقَامُ، أَنَا أُجَازِي، يَقُولُ الرَّبُّ». وَأَيْضًا: «الرَّبُّ يَدِينُ شَعْبَهُ» .مُخِيفٌ هُوَ الْوُقُوعُ فِي يَدَيِ اللهِ الْحَيِّ!» (عبرانيين10: 27 -31).

موت المؤمن:

* عبور وادي ظل الموت

يقول وليم ماكدونلد "لقد فقد الموت رهبته بالنسبة للمؤمنين لأننا نعلم أنّ الموت ينقلنا لنكون مع المسيح وذاك أفضل جدًا. فالموت لا يُخيفنا وإن صحبه بعض الألم"، لأننا نُدرك معية الرّبّ المحب معنا في برية هذه الحياة، ونلمس تعزيته لنا على طول الطريق وفي كافة الأحوال. فقد تغنى المرنم فرحًا معتبرًا الموت بالنسبة له مجرد وادٍ فيه ظل الموت، فليست هذه مواجهة مع الموت بل مع ظله، والظل لا يسبب الخوف ولا يؤذي، وهو يسير هذا الوادي بمعية راعيه الصالح المُحب «يَرُدُّ نَفْسِي. يَهْدِينِي إِلَى سُبُلِ الْبِرِّ مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ. أَيْضًا إِذَا سِرْتُ فِي وَادِي ظِلِّ الْمَوْتِ لاَ أَخَافُ شَرًّا، لأَنَّكَ أَنْتَ مَعِي. عَصَاكَ وَعُكَّازُكَ هُمَا يُعَزِّيَانِنِي». (مزمور23: 3و4).

* نوم –رقاد

لقد دعا الرّبّ يسوع الموت بالنسبة للمؤمن، نومًا أو رقادًا، ويقصد بذلك رقاد الجسد لا الروح، فروح المؤمن تنتقل مباشرة إلى مصيرها وسرورها في حضرة الرّب. في الموت يرقد الجسد، أي ينام إلى حين يوقظه الرّبّ بمجيئه، فيقيم الأجساد التي أصابها الانحلال والفساد، وبالتالي لا ينبغي أن يخاف المؤمن من الموت كما لا يخاف الانسان من النوم. "قَالَ هذَا وَبَعْدَ ذلِكَ قَالَ لَهُمْ: «لِعَازَرُ حَبِيبُنَا قَدْ نَامَ. لكِنِّي أَذْهَبُ لأُوقِظَهُ». فَقَالَ تَلاَمِيذُهُ: «يَا سَيِّدُ، إِنْ كَانَ قَدْ نَامَ فَهُوَ يُشْفَى». وَكَانَ يَسُوعُ يَقُولُ عَنْ مَوْتِهِ، وَهُمْ ظَنُّوا أَنَّهُ يَقُولُ عَنْ رُقَادِ النَّوْمِ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ حِينَئِذٍ عَلاَنِيَةً: «لِعَازَرُ مَاتَ. وَأَنَا أَفْرَحُ لأَجْلِكُمْ إِنِّي لَمْ أَكُنْ هُنَاكَ، لِتُؤْمِنُوا. وَلكِنْ لِنَذْهَبْ إِلَيْهِ!».

(يوحنا11: 11-15). ويقول الرسول بولس "لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ، سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضًا مَعَهُ" (1 تسالونيكي 4: 14).

* ربح

يقول خادم الرّبّ وليم ماكدونلد أنه من المؤسف القول أنّ النظرة السائدة اليوم هي التالية: "لنا الحياة هي الربح الأرضي، والموت سيكون نهاية هذا الربح"، ولكن يقول جويت: "لم يكن الموت بالنسبة الى الرسول بولس معبرًا مظلمًا حيث تفنى كنوزنا وتفسد بسرعة، لكنه كان ممرًا لطيفًا، سبيلًا يؤدي إلى النور". وقد لخص الرسول بولس الوحيّ الالهي بهذا الخصوص بمجمل فلسفة الايمان بقوله «لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ». (فيلبي1: 21)

* انطلاق

الكتاب المقدس لا يُعلّم عن رقاد الروح والنفس بل رقاد الجسد، لأن الروح تنطلق مباشرة بعد الموت إلى مصيرها الأبدي، وروح المؤمن تنطلق مباشرة للقاء الرّبّ، فبالموت ننطلق إلى محضر الرّبّ، وهذا هو رجاء كلّ مدرك لنعمة عمل الرّبّ في حياته وخلاصه، كما كانت أمنية بولس أن يترك عالم الآلام منطلقا بفرح إلى محضر الاله. «وَلكِنْ إِنْ كَانَتِ الْحَيَاةُ فِي الْجَسَدِ هِيَ لِي ثَمَرُ عَمَلِي، فَمَاذَا أَخْتَارُ؟ لَسْتُ أَدْرِي! فَإِنِّي مَحْصُورٌ مِنْ الاثْنَيْنِ: لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا. وَلكِنْ أَنْ أَبْقَى فِي الْجَسَدِ أَلْزَمُ مِنْ أَجْلِكُمْ». (فيلبي1: 22-24)

* نقض الخيمة الأرضية بناء سماوي

قالت إحدى التقيات "صحيح أن المؤمنين قد يتوجسون خوفًا من الآلام التي كثيرًا ما تصحب الموت، وقد سُمع أحد القديسين يهمس: إني لا أخاف من أن يهدم الرّبّ خيمتي، ولكنّ ما أرجوه هو أن يهدمها بلطف". فالموت للمؤمن هو كنقض الخيمة من أجل السفر أو الرحيل لمكان أفضل، لذلك علينا أن نُدرك أن جسدنا ليس مسكنًا ثابتًا ولا بناء حجريًا راسخًا، بل خيمة مُعدة للنقض لأنها وقتية-زمنية، قابلة للانحلال والموت، وتهدف لإعدادنا لمكان أفضل. «لأَنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّهُ إِنْ نُقِضَ بَيْتُ خَيْمَتِنَا الأَرْضِيُّ، فَلَنَا فِي السَّمَاوَاتِ بِنَاءٌ مِنَ اللهِ، بَيْتٌ غَيْرُ مَصْنُوعٍ

بِيَدٍ، أَبَدِيٌّ. فَإِنَّنَا فِي هذِهِ أَيْضًا نَئِنُّ مُشْتَاقِينَ إِلَى أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا مَسْكَنَنَا الَّذِي مِنَ السَّمَاءِ. وَإِنْ كُنَّا لاَبِسِينَ لاَ نُوجَدُ عُرَاةً». (2 كورنثوس5: 1-3)

* خلع ولبس الخيمة

الجسد هو عبارة عن خيمة، أي مسكنًا مؤقتًا، والموت للمؤمن هو عبارة عن خلع هذا الجسد (هذه الخيمة)، ليقيمها الرّبّ ويحييها ويعيدها جسدًا ممجدًا عند مجيئه. أما المؤمنين الأحياء فهم ينتظرون مجيء الرّبّ لاختطافهم وأخذهم معه للسماء، وبالتالي يرجون مجيئه سريعًا ليحوّل جسدهم إلى جسد ممجد دون أن يمروا في الموت الجسدي (خلع المسكن). «فَإِنَّنَا نَحْنُ الَّذِينَ فِي الْخَيْمَةِ نَئِنُّ مُثْقَلِينَ، إِذْ لَسْنَا نُرِيدُ أَنْ نَخْلَعَهَا بَلْ أَنْ نَلْبَسَ فَوْقَهَا، لِكَيْ يُبْتَلَعَ الْمَائِتُ مِنَ الْحَيَاةِ. وَلكِنَّ الَّذِي صَنَعَنَا لِهذَا عَيْنِهِ هُوَ اللهُ، الَّذِي أَعْطَانَا أَيْضًا عَرْبُونَ الرُّوحِ». (2 كورنثوس5: 4-5).

* تغرب واستيطان

حياة المؤمن على الأرض هي استيطان في الجسد في أرض الغربة، وبالتالي يشتاق المؤمن إلى لجظة ترك مستوطنته الأرضية لينتقل إلى سكناه الأبدي عند الرّبّ، فلكي ينتقل سكناه، لا بدّ من التخلي عن موطنه الأرضي وذلك عن طريق التغرّب عن الجسد، لينتقل إلى مسكنه الثابت والأبديّ عند الرّبّ. «فَإِذًا نَحْنُ وَاثِقُونَ كُلَّ حِينٍ وَعَالِمُونَ أَنَّنَا وَنَحْنُ مُسْتَوْطِنُونَ فِي الْجَسَدِ، فَنَحْنُ مُتَغَرِّبُونَ عَنِ الرَّبِّ. لأَنَّنَا بِالإِيمَانِ نَسْلُكُ لاَ بِالْعِيَانِ. فَنَثِقُ وَنُسَرُّ بِالأَوْلَى أَنْ نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ». (2 كورنثوس5: 6-8).

كلمة ختام:

كلّ منا يعمل أفضل ما بوسعه لضمان حياة كريمة طيبة على هذه المسكونة الفانية، ومهما طالت أيامنا على هذه الأرض فإنها قصيرة جدًا، بل تكاد تكون كلا شيء من حيث طولها أمام الأبدية اللانهائية. فكلّ حكيم عليه أن يضمن لنفسه أفضل مصير أبديّ. وقد يحتار البعض فيتسألون: كيف لنا أن نضمن المستقبل والمصير الأبدي؟ ولكن كلمات الرّبّ يسوع تطرد كل شكّ وقلق وحيرة لأنها واضحة، صادقة، شافية وكافية، فقد أكد لنا «... أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ. مَنْ آمَنَ بِي وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا، وَكُلُّ مَنْ كَانَ حَيًّا وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ...» (يوحنا11: 23-26). أَتُؤْمِنِ بِهذَا؟

لذلك ارجوك أن تضمن مصيرك الأبدي في الرّبّ يسوع المسيح لأنه "مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (متى16: 26، وأيضًا مرقس8: 36 ولوقا9: 25).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا