الحاجة إلى واحد - تأمل قصير

إنه أمر صحيح فعلاً ويُسعدنا بأن تكون بيوتنا ووسائلنا كلها للرب ولمجده، وأن نكون مشغولين بخدمته المباركة غير أن هذا المشهد يُحذرنا ويُذكرنا فمن المحتمل أن تأخذ هذه الأنشطة الأولوية في تفكيرنا وفي عواطف
22 يناير 2019 - 16:43 بتوقيت القدس

كل مشوار للسوق مع ابننا الصغير ابن الخمس سنوات كان مثيرًا للتوتر (كما يحدث غالبًا مع كثيرين إن لم يكن مع الجميع)، إذ كلما أعجب بشيء ألحّ أن يشتريه، وبعد أن يشتريه يُعجب بآخر فيرغب به ويأخذ بالبكاء والعناد حتى تُستجاب طلبته، وعندما نواجهه بأنه اشترى ما رغب به سابقًا، يعبّر أنه لم يعد يرغب به وأنه يريد هذا الشيء الجديد، وهكذا يتكرر هذا الموقف مرات عديدة في المشوار الواحد، حتى اتبعنا استراتيجية انتقاء شيء واحد فقط على الأكثر، بشرط أن يتم الشراء في نهاية المشوار، فإن كان حقًّا يريد شيئًا، عليه تحديد ما يريد، والتأكيد عليه في نهاية المشوار، وهكذا حصل. وفِي الكثير من الأحيان بعد أن يغير رأيه أكثر من مرة، لا تعود أية حاجة لشراء أي شيء في نهاية المشوار، إذ يُدرك حقًّا أن لديه ما يكفيه وأنه ليس محتاجًا لأي شيء.

قد يكون هذا التصرف إعتياديًا لدى الأطفال إذ تنبهر عيونهم من كل جديد برّاق لامع، فالعالم يجذبنا بلمعانه الخاص كما قال الجامعة قبل حوالي ثلاثة آلاف سنة (فكم بالحري اليوم) "الْعَيْنُ لاَ تَشْبَعُ مِنَ النَّظَرِ، وَالأُذُنُ لاَ تَمْتَلِئُ مِنَ السَّمْعِ" (جامعة 1: 8)، ولكن نتوقع أن يختلف الأمر مع الكبار الذين من المفروض أنه "بِسَبَبِ التَّمَرُّنِ قَدْ صَارَتْ لَهُمُ الْحَوَاسُّ مُدَرَّبَةً عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ" (عبرانيين 5: 14). 

لذلك يجب أن نحذر من الوقوع في الهَم والاضطراب، وأن ندرك أن الحاجة إلى واحدٍ وحيد فريد فيه كل الكفاية «مَرْثَا، مَرْثَا، أَنْتِ تَهْتَمِّينَ وَتَضْطَرِبِينَ لأَجْلِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ، وَلكِنَّ الْحَاجَةَ إِلَى وَاحِدٍ. فَاخْتَارَتْ مَرْيَمُ النَّصِيبَ الصَّالِحَ الَّذِي لَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا» (لو 10: 41-42).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا