مؤشر مدركات الفساد

بالنسبة للمسيحيين، الكتاب المقدس لديه الكثير ليقوله ضد الفساد والاستغلال الاقتصادي والظلم، مع الاعتراف بأنّنا جميعًا نعيش في مجتمع حيث
11 فبراير 2019 - 11:39 بتوقيت القدس

CPI-Corruption Perceptions Index

أعلن مؤخرًا عن نتائج مقياس مدركات أو مؤشرات الفساد للعام 2018، وهو مقياس يتم نشره سنويًا في بداية السنة الميلادية كمسح للوضع الدولي في هذا المجال وذلك منذ سنة 1995 بواسطة مؤسسة الشفافية الدولية (Transparency International –TI) والتي لها أكثر من 100 فرع في كل أنحاء العالم.

يُعرّف المقياس الفساد على أنه "إساءة استغلال السلطة المؤتمنة من أجل المصلحة الشخصية".

وقد أظهر المقياس لسنة (2018) نتائج مشابهة للسنة السابقة (2017)، فالمعدل العام لدول العالم (تم قياس حوالي 180 دولة) في المقياس هو 43 درجة (من 100)، وحوالي 70% من دول العالم حصلوا على علامة أقل من 50 في مقياس الفساد، أي هنالك تفشي شديد للفساد فيهن، مما يشير إلى رسوبهن في امتحان الاستقامة والنزاهة. ولم تحصل أية دولة على علامة كاملة (100) والتي تشير إلى استقامة ونزاهة كاملة، ولا حتى على علامة فوق ال 90. وقد كان فِي مقدمة الدول المستقيمة الدينمارك، نيوزلاندا، فنلندا، سنغافورا، النمسا وسويسرا.

اليوم الدولي لمكافحة الفساد، 9 كانون الأول/ديسمبر

بسبب تفشي الفساد وتأثيراته الهدامة على المجتمع الانساني قامت الأمم المتحدة بتعيين اليوم الدولي لمكافحته وذلك سنة 2003 بهدف إذكاء الوعي عن مشكلة الفساد (والجريمة والمخدرات) وعن دور الاتفاقية في مكافحته ومنعه، والإسهام في نشر وتعزيز ثقافة النزاهة ومكافحة الفساد لدى أفراد المجتمع وامتثال قيم النزاهة، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في كانون الأول/ديسمبر 2005.

يعتبر الفساد أحد أكبر العوائق أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتنظر الأمم المتحدة للفساد على أنه جريمة خطيرة يمكن أن تقوض التنمية الاجتماعية والاقتصادية في جميع المجتمعات، إذ لا يوجد بلد أو منطقة أو مجتمع محصن. وحسب تقديرات الأمم المتحدة في كل سنة تصل قيمة الرشاوي إلى تريليون دولار، فيما تصل قيمة المبالغ المسروقة بطريق الفساد إلى ما يزيد عن ترليونين ونصف دولار. وهذا المبلغ يساوي خمسة في المائة من الناتج المحلي العالمي. وفي البلدان النامية — بحسب ما يشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي — تقدر قيمة الفاقد بسبب الفساد بعشرة أضعاف إجمالي مبالغ المساعدة الإنمائية المقدمة.

مع دخول الخطية لحياة الانسان دخل الفساد والألم والأنين لعالمنا وكوننا مما جعل الخليقة تئن وتحنّ للعتق "لأَنَّ الْخَلِيقَةَ نَفْسَهَا أَيْضًا سَتُعْتَقُ مِنْ عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ إِلَى حُرِّيَّةِ مَجْدِ أَوْلاَدِ اللهِ. فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعًا إِلَى الآنَ" (رومية 8: 21-22). ويعلّق على ذلك (وليم ماكدونالد) "تنظر الخليقة إلى الخلف إلى الحالة المثالية التي وُجدت عليها في عدن. وبعد ذلك تتأمَّل الخراب الذي أحدثه دخول الخطية. والأمل بالعودة إلى الحالة المثاليّة كان دائمًا موجودًا، لأن الخليقة نفسها أيضًا ستُعتَق من عبوديّة الفساد لتتمتع بحرية ذلك العصر الذهبي حين يُعلَن أولاد الله في المجد". لذلك تحذرنا كلمة الله من الانحراف والانجرار وراء إشباع الشهوات وتوجهنا لعمل الخير لما فيه فائدة الجميع "لاَ تَضِلُّوا! اَللهُ لاَ يُشْمَخُ عَلَيْهِ. فَإِنَّ الَّذِي يَزْرَعُهُ الإِنْسَانُ إِيَّاهُ يَحْصُدُ أَيْضًا. لأَنَّ مَنْ يَزْرَعُ لِجَسَدِهِ فَمِنَ الْجَسَدِ يَحْصُدُ فَسَادًا، وَمَنْ يَزْرَعُ لِلرُّوحِ فَمِنَ الرُّوحِ يَحْصُدُ حَيَاةً أَبَدِيَّةً. فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ. فَإِذًا حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ (غلاطية 6: 7-10).

وتحفزنا كلمة الحياة لنهرب من الفساد ولنجتهد في الفضيلة "كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ، اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ، لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. وَلِهذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ

كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً، وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفًا، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْرًا، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى، وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2 بطرس 1: 3-8).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا