جسد المسيح - الكنيسة‬

نرى انه ليس عند الرب محاباة او تفرقة، لا على اساس جنس او لون او عرق، بل كل واحد منا غالي وعزيز على قلب الرب، كما نحن كاهل نحب اولادنا، فكم بالحري هو يحبنا جميعًا بشكل كامل ومتساوي، رغم اختلافنا وخدمات
23 أكتوبر 2018 - 15:37 بتوقيت القدس

نقرأ في الكتاب المقدس عن جسد المسيح الذي هو الكنيسة، ففي رسالة بولس الرسول الى اهل كورنثوس الاولى 12:12، يُشَبِّه الكنيسة بالجسد الواحد الذي له اعضاء كثيرة، والمهم هو ان بولس يقول جسد واحد وليس اجساد، وهذا يُؤكد لنا جميعًا اهمية الوحدة والشركة المقدسة بين المؤمنين، الامر الذي اوصى به الرب يسوع الكنيسة اي جسده، وكما ان كل واحد منا يعتني ويهتم بجسده، فكم بالاحرى المسيح يعتني بجسده الذي هو كل واحد منا.

نقول جسد المسيح، جسد واحد واعضاء كثيرة، وكما يقول الرسول اننا جميعًا بروح واحد ايضًا اعتمدنا الى جسد واحد، يهودًا كنا ام يونانيين، عبيدًا ام احرارًا، وجميعنا سُقينا روحًا واحد.

نرى انه ليس عند الرب محاباة او تفرقة، لا على اساس جنس او لون او عرق، بل كل واحد منا غالي وعزيز على قلب الرب، كما نحن كاهل نحب اولادنا، فكم بالحري هو يحبنا جميعًا بشكل كامل ومتساوي، رغم اختلافنا وخدماتنا، رغم ضعفنا وسقطاتنا احيانًا، ولكن يبقى هو الرب المحب الذي لا ينكر ذاته. من الممكن لنا القول بشكل عام، ان جسد المسيح هو جميع المؤمنين وجميع الكنائس في العالم، وبشكل خاص هم اخوتي في الكنيسة المحلية التي انتمي اليها. 

فان كنا سُقينا كلنا روح واحد، روح المحبة والسلام، روح الوداعة والتواضع، روح البِر والقداسة، فكيف هي علاقتنا اليوم مع اخوتنا المؤمنين في كنيستنا المحلية التي ننتمي اليها؟ هل هناك شركة محبة حقيقة بالروح القدس، ام خصام ونزاع واختلاف بيننا؟ ان كنا بالفعل اعضاء كثيرة في الجسد الواحد. وكيف هي علاقتنا مع الاخوة من كنيسة اخرى، التي لا انتمي اليها كعضو فعال يخدم بها؟ هل نشعر من اعماق قلوبنا بهذا الانتماء المقدس لجسد المسيح؟ ان كان في بلدتنا او بشكل عام الى جماعة المؤمنين بالرب يسوع المسيح، من كل بلد ودولة، من كل خلفية ولون، من كل طائفة وانتماء.

نقرأ في كورنثوس الاولى الاصحاح الثاني عشر، ان الجسد واحد والاعضاء كثيرة، وهذه الاعضاء هي انا وانت، ومن الواضح هو ان جميع الاعضاء لها اهمية للجسد، كذلك كل واحد منا له دور وخدمة في جسد المسيح اي الكنيسة. ولكن الامر الاكثر اهمية من الخدمة والعطاء في الكنيسة، هو روح الانتماء للرب والشركة المقدسة معه ومع اولاده، الذين هم اخوة لنا بالايمان باسمه.

كذلك الرب لم يدعنا فقط عبيد بل احباء له، لذلك دعانا لنكون بشركة مقدسة معه ومع شعبه، بغض النظر عن النمو الروحي عند اخي المؤمن، او حتى لو اختلفت معه الرأي، لكنه يبقى عضو غالي على قلب الرب في جسده، كما اني انا عضو غالي على قلبه.

يذكر الرسول بولس في نفس الاصحاح عدد من اعضاء الجسم، مثل العين، الاذن، الانف، اليد، الرجل والرأس، بانها كلها اعضاء مهمة في جسد الانسان، ولها دور حيوي وفعال في الجسد. كذلك نحن المؤمنين لنا دور وخدمة في الكنيسة، ولكن كل واحد منا له خدمته الخاصة التي اعطاه اياها الرب، وليس علينا ان نشعر باننا "اقل اهمية" او حتى اقل غلاوة على قلب الرب لانه ليس لنا خدمة مثل الاخرين.

فكل خدمة هي مهمة في عيني الرب، ان خدمنا بروح متواضعة واعطينا كل المجد للرب.

كذلك ليس علينا ان نعتقد ان خدمتنا هي الافضل والاهم في الكنيسة، وبانه ليس لنا حاجة للاخرين في الكنيسة، لان الجسد بحاجة لكل الاعضاء، وكما نقرأ في نفس الاصحاح ان الاعضاء القبيحة فينا لها جمال افضل، والتي نحسبها بلا كرامة نعطيها كرامة افضل. فان تأملنا بجسم الانسان، نرى ان الاعضاء الحيوية هي غير "جميلة" بالمظهر وهي مخفية، مثل القلب، الرئتين، الكبد والكلى، فهذه الاعضاء مهمة جدًا لحياة الجسد، وهي اعضاء مخفية "وقبيحة"، ولكنها ذو اهمية كبرى للجسد.

هكذا يريدنا الرب، ودعاء ومتواضعين في الخدمة والعطاء، نختفي كلنا ليظهر المسيح وحده، ويعود المجد له هو وحده. كل هذه الاعضاء التي ذكرناها لها اهمية للجسد، ولكن نسمع انه من الممكن اجراء عمليات جراحة، وزرع اعضاء من جسد اخر.

هكذا نحن اخوتي، ليس احد منا ان لم يوجد في  الكنيسة او في الخدمة، فان كل شيء يتوقف بدونه! نحن كلنا بحاجة لجسد المسيح وقبل كل شيء للرأس الذي هو يسوع المسيح، وان نتألم مع من يتألم في الكنيسة، ونفرح مع من يفرح ويكرم في الكنيسة. ان تأملنا في الجسد البشري، نرى انه هناك بعض الامور التي ليس للانسان التخلي عنها، والا فيموت من دونها، وهي الدم، الماء والطعام، الروح والرأس.

كذلك في العالم الروحي، يمكن لنا التخلي عن امور كثيرة، ولكن ان تخلى احد عن هذه الامور، فسوف يكون الفشل بل والهلاك هو مصيره، وهذه هي صلاتنا كلنا ان يحفظنا الرب في شخصه المبارك، والتعاليم الروحية التي تكلم عنها الكتاب المقدس. 

من هذه الأمور:

الدم:
اذا فقد جسم الانسان كمية معينة من الدم فانه يموت، كذلك نحن كاعضاء في جسد المسيح والكنيسة بشكل عام، علينا ان لا ننسى ابدًا دم الحمل، دم الرب يسوع المسيح، الذي يطهرنا من كل خطية. لاننا ان قلنا اننا لم نخطىء فاننا نجعل الله كاذبًا وحاشا لنا!!! دم يسوع ليس فقط يطهرنا من خطايانا، ولكنه ايضًا يزرع في قلوبنا بغضة شديدة للخطية، التي كانت السبب في صلبه وعذابه وموته. لذلك كل خطية نفعلها، كاننا نصلب ابن الله ثانية وحاشا لنا ! لكن هذا ليس معناه اننا لم نخطىء ابدًا، لان الله يعرف ضعفاتنا، كذلك يسوع جُرِّبَ في كل شيء مثلنا كانسان، ولكن من دون خطية.

لذلك ان فقدنا فاعلية دم الحمل والتوبة والغفران، فهذا الامر من الممكن ان يؤدي الى قساوة القلب والارتداد عن الله الحي الحقيقي.

الماء والطعام:
يمكن لنا ان لا نأكل ايام عديدة، ولكن من دون الماء ليس لنا ان نعيش اكثر من ايام قليلة. هكذا نحن المؤمنين واعضاء جسد المسيح، ولدنا الولادة الجديدة بقوة كلمة الله، هذا الغرس المقدس الذي وضع فينا، الطبيعة الالهية بالروح القدس. ليس فقط الولادة الجديدة، بل علينا جميعًا كافراد وككنيسة بشكل عام، ان نشرب الماء الحي، لكي لا نعطش ونذهب الى العالم لطلب الارتواء، وكما قال ارميا النبي ان شعب الله عمل شَرَّين،  انهم تركوا الرب ينبوع المياه الحية، ونقروا لانفسهم أبآرًا مشققة لا تضبط ماءً.

هل نهمل نحن كلمة الله؟ ام ندرسها من كل قلوبنا ونسمعها على فم خدام الرب المنقادين بالروح، لكي ترتوي قلوبنا منها وننموا بمعرفة الرب يسوع المسيح، لان معرفته هي حياة ابدية.

الروح:
نعلم انه عند موت الانسان، تفارق الروح الجسد، كذلك جسد المسيح الكنيسة من دون روح الرب، العامل فينا ومن خلالنا، فسوف يكون ميت. لان الروح القدس هو الذي يعطينا حياة جديدة، متجددة كل يوم الى معرفة خالقها الرب الله، وهو الذي يقدسنا ويغيرنا الى صورة ومثال الرب يسوع المسيح. كذلك الروح القدس هو الذي يجمعنا كاعضاء في الجسد الواحد، مع اخوتي في نفس الكنيسة وطبعًا مع اخوتي في كنائس اخرى، لان روح الرب يجمع ولا يفرق، وان كان بيننا تحزب وغيرة وحسد وخصام وانشقاق، فعلينا ان نفحص نفوسنا جيدًا ودوافع قلوبنا، لانه اين توجد هذه الامور فلا يوجد حضور لروح الرب، ولا حتى خلاص وحياة ابدية !!!

الرأس:
يمكن لنا ان نقطع احد اعضاء الجسد ولا نموت، ولكننا كاخوة في الجسد الواحد، من المفترض ان لا تكون لنا الرغبة في "قطع" اعضاء جسد المسيح اي اخوتنا في الكنيسة، لان هذا الامر يتعلق بالرب وحده، وهو وحده الديان وفاحص القلوب والكلى. نحن علينا فقط محبة الجميع وليس ادانتهم. هناك عضو واحد في جسد الانسان، اذا قطعناه فان الجسد يموت وهو الرأس. كذلك الكنيسة اذا انفصلت عن الرأس الذي هو وحده الرب يسوع المسيح، فان الموت هو المصير، لانه من التصق بالرب فهو روح واحد.

مع ان المسيح وضع في الكنيسة السلطة الروحية، فهو مسح البعض ان يكونوا رسلًا، انبياء، مبشرين، رعاة ومعلمين، وهو الذي امر ان نعطي كرامة مضاعفة للشيوخ والذين يتعبون بالكلمة ( اي الخدام والواعظين )، كذلك اوصى بالتواضع وروح الوداعة بالكنيسة، كذلك الخضوع احدنا للاخر وللشيوخ في الكنيسة، ولكن يبقى هو الرأس وحده، الكرامة والمجد والسلطان المطلق له هو وحده، فان ظهر في الكنيسة "رؤوس" غير المسيح يسوع الرب، فهذا امر خطير جدًا، وعلى الكنيسة ان تحاربه بكل قوتها، لكي يبقى يسوع المسيح الرأس وحده، وجميعنا اخوة محبوبين على قلب الرب واحدنا للاخر، وكل واحد منا له خدمته الخاصة يتممها بكل تواضع.

صلاتنا ان يعطنا الله ان نحفظ وحدانية الروح برباط السلام بيننا، وان نرفض كل روح انشقاق في جسد المسيح، لانه كيف لنا ان نقول اننا نحب المسيح ونبغض جسده؟!

فعلينا جميعًا اخوتي ان ندرك اننا هيكل الله، وروح الله يسكن فينا، وان كان احد يُفسد هيكل الله فَسَيُفسِده الله، لان هيكل الله مقدس الذي نحن هو، ولا يَخدَعنَّ احد نفسه، لاننا نحن للمسيح، والمسيح لله.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا
التعليق على مسؤولية المعلق فقط وهو ليس بالضرورة رأي الموقع
1. رحمن عظيموف. 26 أكتوبر 2018 - 03:16 بتوقيت القدس
الكنيسة الكنيسة
هناك النظرية و هناك التطبيق. النظرية جميلة جداً. التطبيق وسخ جداً. الكنيسة كما هني موجودة اليوم هي مغارة لصوص أو ماخور. و رغاة الكنائس هم القوادون. و المال هو الرب الأول و الآخر و الظاهر و الباطن.
1.1. ايمن سرور 26 أكتوبر 2018 - 13:15 بتوقيت القدس
الكنيسة
انظر انت الى نفسك وخطاياك، وتُب امام سيد السماء والارض يسوع المسيح. اترك انت الكنيسة لربها والهها الحي يسوع المسيح، السهران عليها لكي يقدسها ويحضرها الى نفسها عروس مقدسة بدمه الكريم وعمل روحه القدوس. نحن لا نقول اننا كاملين او بدون اخطاء، وهذا ما ذُكر في المقال اننا جسد المسيح، ولكننا نعبد اله حي وهو كفيل نجاحنا ومسيرة ايماننا. انت انظر الى نفسك ولا تدين الاخر، اليوم يوم مقبول ويوم توبة وخلاص.
1.2. رحمن عظيموف. 28 أكتوبر 2018 - 21:08 بتوقيت القدس
حدثنا عن الثمار، الله يخليك.
قال باتريك هنري، فيلسوف حرب الأستقلال الأمريكية، "أنا لا أستطيع أن أحكم على المستقبل إلا من خلال الماضي." فهل قدس يسوع الكنيسة في أي وقت في الماضي حتى يقدسها اليوم أو غداً؟ أما يسوع فقد قال، "من ثمارهم تعرفونهم." قد تقول بأن كل مثالب الماضي كانت في الكنيسة الكاثوليكية. و الواقع، هو أن الكنيسة البروتستانتية هي أكثر إجراماً من الكنيسة الكاثوليكية بعدة أضعاف. حدثنا عن الثمار حتى يكون لكلامك أي رصيد فعلي.
1.3. ايمن سرور 28 أكتوبر 2018 - 22:36 بتوقيت القدس
الرب الديان
فاحص القلوب والكلى هو الرب الله، وكل واحد منا بشكل شخصي، بما فيه انا وانت سوف نعطي حساب عن ايماننا واعمالنا. قلت لك اترك الدينونة لله الديان الوحيد، والكنيسة سوف تمثل امام المسيح المخلص. ماذا عنك انت ؟ هل ستقف يوم الدين امام المسيح كديان او مخلص ؟ اما بالنسبة للثمار فهذه اتركها ايضًا لله ولا شأن لك بها ولا لغيرك ! نحن لسنا من الذين يُخبرون باعمالهم الصالحة وبرهم امام الجميع، اذا كنت انت معتاد كذلك فنحن لا ! افحص قلبك بصدق امام الرب يسوع واتخذ قرارك الشخصي امامه، لان ليس عند الله محاباة .