يوم الكفارة ودم الحمل

في ذلك اليوم فقط "يوم الكفارة" كان رئيس الكهنة يدخل إلى قدس الأقداس في خيمة الشهادة (وفي الهيكل فيما بعد)، ليكفر عن خطايا كل بني إسرائيل
03 أكتوبر 2020 - 22:10 بتوقيت القدس

أمر الرب شعب اسرائيل من خلال عبده موسى في العهد القديم، ان يحفظوا مواسم الرب التي فيها ينادون محافل مُقَدَّسة، مثل الفصح والفطير، عيد الاسابيع، عيد الابواق، يوم الكفارة وعيد المظال (لاويين اصحاح 23).

كانت هذه المواسم تُذَكِّر الشعب باحداث هامة في تاريخ الامة، ووصايا الله لشعبه، وهي تحمل في طيّاتها معنى روحي لشعب الرب في مسيرة الايمان.

في هذه الايام، يذكر الشعب اليهودي في اسرائيل ودول العالم يوم الكفارة، والذي لا يُسمح به للشعب بان يُمارس حياته الطبيعية مثل العمل والسفر، بل يجب عليهم ملازمة بيوتهم، وان يعبدوا الله بالصوم والصلاة لكي يغفر الله خطايا الامة. 

نقرأ في لاويين 26:23  وصية الرب لموسى:
"اما العاشر من هذا الشهر السابع، فهو يوم الكفارة، محفلًا مقدَّسًا يكون لكم. تُذللون نفوسكم وتُقربون وقودًا للرب. عملًا ما لا تعملوا في هذا اليوم عينه، لانه يوم كفارة للتكفير عنكم امام الرب الهكم".

اذا كان كل انسان يهودي، يعيش حياته الطبيعة وخاصة اذا كانت مسيرة حياته بعيدة عن الله ووصاياه، فهل هو كافي لكل واحد من هذا الشعب وهذه الامة، ان يحفظوا ذكرى هذا العيد مرة في السنة؟ لكي ينالوا الغفران والتكفير عن خطاياهم؟ ولماذا اوصى الله بحفظ هذه المواسم؟

نقرأ في غلاطية 4:4، انه لما جاء ملء الزمان، أرسل الله ابنه مولودًا من امرأة، مولودًا تحت الناموس، ليفتدي الذين تحت الناموس لننال التبني. ففي ملء الزمان، بحسب مشيئة الله وعلمه السابق، ارسل الآب ابنه يسوع المسيح لكي يخلص العالم من الخطية وعبودية الشيطان، ان كان الشعب اليهودي او الامم. لان الله سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرة مشيئته، لمدح مجد نعمته التي انعم بها علينا في المحبوب، الذي فيه لنا الفداء بدمه، غفران الخطايا، حسب غنى نعمته (افسس 5:1).

يُعلم الكتاب المقدس بكل وضوح، وبدون اي شك او جدال، انه من دون سفك دم لا تحصل مغفرة (عبرانيين 22:9). فاذا كان تقديم الذبائح  من التيوس والعجول امر كافي ويرضي قلب الله، فلماذا اذا ارسل الله ابنه الى العالم؟ واذا كان الهيكل غير قائم منذ مئات السنين، فاين على الشعب والامة ان يقدم ذبائحه؟

نقرأ في مزمور 8:40، نبوة عن مجيء المسيح بالجسد، لكي يتمم وعود الله وخلاصه للبشر. فيكتب داود بروح النبوة عن المسيح: "هأنذا جئتُ، بدرج الكتاب مكتوب عني، ان افعل مشيئتك يا الهي سُررت، وشريعتك في وسط احشائي، بشَّرت بِبِرٍّ في جماعة ٍ عظيمةٍ". كذلك يقتبس كاتب رسالة العبرانيين هذه الاعداد في الاصحاح العاشر، حيث يُؤكد ان كل نبوات العهد القديم، بتقديم الذبائح لغفران الخطايا، وذكرى يوم الغفران، كل هذه الحقائق تُشير الى كفارة المسيح الابدية، وانه بهذه المشيئة، نحن مُقدَّسون بتقديم جسد يسوع المسيح مرَّةً واحدةً (رسالة العبرانيين 10:10).

وان كل كاهن يقوم كل يوم يخدم ويُقدم مرارًا كثيرة تلك الذبائح عينها، التي لا تستطيع البتة ان تنزع الخطية. اما يسوع، فبعدما قدَّم عن الخطايا ذبيحةً واحدةً، جلس الى الابد عن يمين الله، مُنتظرًا بعد ذلك حتى توضع أعداؤه موطئًا لقدميه، لانه بقربانٍ واحدٍ قد أكمل الى الابد المقدسين. وبقوة هذا الاعلان المبارك، لنا نحن المؤمنين باسم ابن الله الحي، الثقة بالدخول الى الاقداس بدم يسوع، طريقًا كرَّسه لنا حديثًا حيًّا، بالحجاب، اي جسده، وكاهنٌ عظيمٌ على بيت الله (عبرانيين 19:10).

ونحن الان في المسيح يسوع، الذين كنا قبلًا بعيدين، صرنا قريبين بدم المسيح، لانه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدًا، ونقض حائط السياج المتوسط اي العداوة (افسس 13:2)، لانه في المسيح ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حُر، ليس ذكر وأنثى، لاننا جميعًا واحد في المسيح يسوع (غلاطية 28:3).

في كتاب التكوين الاصحاح 20، نقرأ كيف امتحن الله ابراهيم بابنه اسحاق، بان يقدمه محرقة على جبل المُريا، وبعد ان حضروا النار والحطب، سأل اسحاق ابراهيم، اين الخروف للمحرقة مع ان ابراهيم قدَّم الكبش واصعده محرقة عوضًا عن ابنه، لكن جواب الله على سؤال اسحاق جاء بعد سنين طويلة، على فم يوحنا الذي اعلن ان المسيح يسوع هو حمل الله الذي يرفع خطية العالم (يوحنا 29:1).

ما زال الشعب اليهودي يُؤمن الى يومنا هذا بان الصوم والصلاة والتذلل، امور كافية لارضاء الله ولغفران الخطايا. وهناك شعوب اخرى واديان عديدة تؤمن بالتقدمات والذبائح والتذلل. لكن نحن عالمين اننا افتُدِينا لا باشياء تفنى، بفضة او ذهب، بل بدمٍ كريمٍ، كما من حمل بلا عيبٍ ولا دنسٍ، دم المسيح، معروفًا سابقًا قبل تأسيس العالم (بطرس الاولى 19:1).

نحن نُكرم اسم الرب يسوع المسيح، ونُحِبُّهُ لانه هو احبنا اولًا، هو الذي حمل خطايانا  في جسده على الخشبة (الصليب)، لكي نموت عن الخطايا فنحيا لِلْبِرِّ، الذي بجلدته شُفينا، لاننا كُنا كخراف ضالةٍ، لكننا رجعنا الان الى راعي نفوسنا وأسقفها ( بطرس الاولى 24:2).

ما زال الله يدعوا الجميع للرجوع اليه من كل القلب، وبروح النبوة يُعلن على فم يوحنا اللاهوتي: "طوبى للمدعوين الى عشاء عُرس الخروف" (رؤيا يوحنا 9:19 ). لان كل من رفض هذه النعمة التي قدم بها الله ابنه يسوع حمل الله، فلا بُد ان يواجه الدينونة امام العرش الابيض المُقَدَّس، امام الاسد الخارج من سبط يهوذا، يسوع المسيح (رؤيا يوحنا 5:5)، لان كل من رفضه اليوم كحمل الله الوديع، فسوف يواجهه كالاسد الديان يوم الدين! وسوف يخسر اعظم عطية ونعمة، بان يكون له نصيب مع العروس امرأة الخروف (رؤيا يوحنا 9:21).

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا