منذ زمن المسيح، حافظ المسيحيون على الأماكن المقدسة في بلدهم واستقبلوا الحجاج والزوار، واستمروا في الثبات والصمود في عهود مختلفة من إمبراطوريات وممالك ودول، ونجحوا في عدم تحويل الكنائس والأماكن المقدسة في المدينة المقدسة إلى مجرد متاحف، وناضلوا كي تبقى بيوت عبادة تؤكد وجودًا مسيحيًا مزدهرًا.
في القدس، يتقلص عدد المسيحيين بشكل كبير. منذ منتصف القرن الماضي، انخفض عددهم من 30 ألفًا إلى أقل من 10 آلاف اليوم، أي انخفاض بمقدار الثلثين، بينما زاد إجمالي عدد سكان المدينة خمسة أضعاف خلال نفس الفترة.
داخل أسوار المدينة القديمة، تُشير التقديرات إلى بقاء ألفي مسيحي فقط. وقالت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات إن عدد المسيحيين المولودين في القدس الذين يعيشون في العاصمة الأسترالية سيدني أكبر من عددهم في القدس نفسها.
وفقًا لعالم الاجتماع برنارد سابيلا، إذا كان المسيحيون يعكسون النمو السكاني العام واتجاهاته في القدس، يجب أن يبلغ عددهم اليوم إذًا نحو 100 ألف. في بيت لحم وقرى بيت جالا وبيت ساحور في الضفة الغربية، وفقًا للأنماط المحلية للنمو السكاني، يجب أن يزيد عدد السكان المسيحيين عن 44 ألفًا. لكن في الواقع، يبلغ عددهم نحو 22 ألفًا. في أحسن الأحوال، عدد السكان المسيحيين لا يزيد.
في غزة الوضع رهيب. فمنذ أقل من 15 عامًا، أفادت "إندبندنت" بأن هناك أربعة آلاف مسيحي في المدينة. اليوم، يقل عددهم عن 700.
يغادر المسيحيون الأرض المقدسة لأسباب متنوعة، بينها القضايا الأمنية، وزيادة فرص العمل في الخارج، وعدم الاستقرار السياسي في بلادهم، إضافة إلى مواصلة التعليم.
لكن، على الرغم من تقلص عددهم، تواصل الكنائس خدمة مجتمعها بأمانة بطرائق عميقة ذات مغزى. وتوفر فرصًا اقتصادية محلية، وتدير بعضًا من أفضل المدارس والعيادات الطبية في المنطقة.