الشباب المسيحي في الأراضي الفلسطينية لا يرى سببًا مشجعًا على البقاء والتشبث على الرغم من رغبته الشديدة في ذلك، بسبب الظروف البالغة الصعوبة والتي تتلخص في تدني الأجور وقلة فرص العمل، والأزمات الاقتصادية التي تعصف بالفلسطينيين عموما والمسيحيين الذين هم الحلقة الأضعف في المجتمع.
في العام 2018 تناقص عدد المسيحيين الفلسطينيين المتبقين إلى ما يقارب 45 ألف شخص، أي أقل من واحد في المئة من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس، ففي الضفة يعيش 40 ألف مسيحي، وفي غزة ما يقارب 730 مواطنا، أما في القدس فلم يتجاوز التعداد خمسة آلاف نسمة.
أحد أسباب التناقص الكبير في عدد المسيحيين، القيود التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على الحركة، وعدم القدرة على التنقل سوى في مساحة محدودة سواء داخل الضفة الغربية أو قطاع غزة، إضافة إلى الظروف الاقتصادية، ما يجبر الشبان المسيحيين على البحث عن فرص عمل ودراسة خارج فلسطين والسفر من أجل بناء حياة جديدة.
ما جرى بجفنا مؤخرا للمسيحيين كما قالت الاستاذة نادية حرحش يمكن توصيفه بين فكرة “العربدة والبلطجة” وبين فكرة ” الجزية”، فنحن نقف أمام أزمة ليست فقط أخلاقية وثقافية واجتماعية وسياسية، بل أزمة تختلط فيها المفاهيم لننتهي من كابوس “الإسلام الإرهابي” بشكل داعش واخواتها من جماعات إرهابية اظهرت الاسلام في الصورة الاقبح والأخطر، وجعلت المسلمين في محاولات حياتية للدفاع عن شكل الإسلام الحقيقي كما يعتقدون، لتوصلنا الى إرهاب “علماني” في شكل داعشي.
ترهيب واغلاق شوارع واطلاق نار وتحويل المكان الى حرب عصابات؟ وينتهي الامر بصلح عشائري على شكل “عطوة وطنية”!
يستطيع المرء ان يتنصل من جرائمه بسبب نفوذه وانتمائه الحزبي، فلقد وصلنا الى نجعل لهذا الأمر مسميا محددا هو عطوة عشائرية.. أو عطوة وطنية.
وعلى الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي، كان انخفاض معدل المواليد وفشل المشاريع التنموية، وتردّي الأوضاع الاقتصادية وانخفاض الأجور وقلة فرص العمل، من أبرز الأسباب التي أدت إلى هجرتهم.