الزواج المقدس والشهوة الرديئة‎

الله هو من جمع ادم وحواء، ذكرًا وانثى، خلقهم وجمعهم، والرب نفسه هو من جمع اسحاق ورفقة، لذلك يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامرأته، ويكونان الاثنان جسدًا واحدًا
14 مارس 2018 - 00:41 بتوقيت القدس

الزواج المقدس

يُعتَبر الزواج من احد الامور الاكثر اهمية في حياتنا، فهو موضوع يشغل فكر الشباب في جيل المراهقة وما بعدها، وهو العلاقة والرباط المقدس الذي يجمع بين الرجل والمرأة، وهو موضوع هام جدًا يتحدث عنه الناس في كل مكان وزمان، الميديا، الصُحف ومواقع التواصل الاجتماعي، والزواج والعلاقة بين الرجل والمرأة هو اساس لكل عائلة سعيدة، او من المفروض ان تكون كذلك، وان لم يكن الزواج مبني على المحبة والاحترام والعطاء، فسوف يكون الفشل والدمار مصيره، وللأسف الشديد نرى انتشار ظاهرة الطلاق المتزايدة بشكل مقلق، ورأيت في مجال عملي انتشار هذه الظاهرة ، والمشاكل والدمار الذي يُخلّفه كل طلاق، ان كان في حياة الزوج والزوجة، وطبعًا الاولاد بشكل خاص، والمجتمع بشكل عام.

نقرأ في تكوين 2:7 ان الرب الإله جبل آدم من الارض، ونفخ في انفه نسمة حياة، فصار آدم نفس حَيَّةً، اي ان الله هو من وهب الانسان الحياة، وبعدها اخذ الرب الاله واحدة من اضلاع ادم، وبنى الضلع التي اخذها امرأة واحضرها الى ادم.

كذلك نقرأ في تكوين 1:27 ان الله خلق الانسان على صورته، ذكرًا وانثى خلقهم، وباركهم الله وقال لهم: أثمروا واكثروا واملأوا الارض.

نرى اخوتي ان الزواج والعلاقة المقدسة بين الرجل والمرأة، من فكر ومشيئة الله، بل ونقول انهما من تدبير وصنع وارشاده المطلق، وان الله هو الذي يبارك هذه العلاقة، وكل فكر او مجهود بشري، خارج عن فكر ومشيئة الرب الاله مصيره الفشل والدمار، ان لم يكن الطلاق، فعلى الاقل مشاكل زوجية وعائلية، وانفصال وانشقاق روحي ونفسي قبل الانفصال الجسدي داخل العائلة الواحدة، ونقول وان لم يكن اي انفصال او طلاق، فسوف يكون انفصال ابدي رهيب عن الرب الاله الى ابد الآبدين، لان الشيطان دَنَّس هذه العلاقة المقدسة، بأفكار وممارسات ليس لها اصل في فكر ومشيئة الله، وكل من يتبعها سوف يرى نتائج مؤلمة جدًا في حياته هنا على الارض، ودينونة رهيبة لكل من تنجس وتدنس بأكاذيب عدو البِّر، الشيطان!

الله هو من جمع ادم وحواء، ذكرًا وانثى، خلقهم وجمعهم، والرب نفسه هو من جمع اسحاق ورفقة تكوين 24:12، لذلك يترك الرجل اباه وامه ويلتصق بامرأته، ويكونان الاثنان جسدًا واحدًا، وعلى هذا الاساس قال آدم: هذه الان عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي، هذه تدعى امرأة لأنها من أُمرِءٍ أُخِذَت.

يا لعظمة الله، حكمته فهمه وتدبيره المبارك، فهو من صنع ادم ذكرًا، وخلق له حواء الانثى معينًا نظيره، اي ان الله هو مُؤَسِس الزواج، هو من يحفظه حتى لو ضعف أحدهم، هو من يشدد ويعزي ويرفع، لان الله وعد ان يبارك الزواج، رغم ضعفنا واخفاقنا احيانًا.

ولكن السؤال الهام جدًا يا احباء، هل الرب يبارك كل زواج؟ وهل كل جماع ورباط بين رجل وامرأة مصيره النجاح والازدهار؟ ولماذا اساسًا امر الرب بالزواج؟

نقرأ في كورنثوس الاولى الاصحاح السابع عن الزواج، وكما كتب بولس انه حسنٌ ان لا يمس الرجل امرأة، ولكن لسبب الزنا، ليكن لكل واحد امرأته، وليكن لكل واحدة رجلها، اي انه هناك بعض الاخوة والاخوات (كالرسول بولس مثلا) الذين لم يتزوجوا باختيارهم لكي يتكرسوا لخدمة الرب، فبولس الرسول، وبإرشاد ومشيئة الهية تكرّس للخدمة بشكل كامل، مع انه من حقه ان يجول باخت زوجة كباقي الرسل (كورنثوس الاولى 9:5). 

وبولس نفسه يعلمنا انه على الاسقف ان يكون بعل لامرأة واحدة، (تيموثاوس الاولى 3:2)، كذلك الشمامسة كل بعل امرأة واحدة، واحدة.

والرسول بولس حذرنا من تعاليم الشياطين في الازمنة الاخيرة، من المانعين عن الزواج (تيموثاوس الاولى 4:3) وهنا علينا جميعًا ان نتمسك بنعمة الرب يسوع المسيح، والحق الالهي، لكي نمسك بالأيمان الصحيح الذي هو حسب التقوى، ولكي يحفظ الرب حياتنا الروحية من كل كذب وخداع وبدعة، ان كان في ايماننا وخلاصنا، زواجنا وخدمتنا ايضًا، ونقول هذا لان قرار الزواج واختيار شريك حياتنا لهو امر هام جدًا، ويجب ان يكون تحت ارشاد الروح القدس، وبمشيئة الله، وليس حسب رغباتنا النفسية والجسدية فقط، لكي لا نكون تحت نيرٍ مع غير المؤمنين، لأنه ايَّةُ خِلطةٍ للبر والاثم؟ واية شركة للنور مع الظلمة؟ واي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ واي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟ (كورنثوس الاولى 6:14).

اخوتي واخواتي، ان لم يبني الرب البيت فباطل يتعب البناؤون (مزمور 127:1)، ان لم يجمع يسوع المسيح الزوج والزوجة، فباطل مجهودنا البشري، وباطل ان نحاول بقوتنا وحكمتنا ان نحفظ ونبارك زواجنا، بالفعل امر مؤسف جدا ما نراه ونسمع عنه في مجتمعنا وبلادنا، والاخطر من ذلك من يسمح بالطلاق (الاّ لعلّة الزنا) باسم المسيح والكنيسة! 

لإخوتي واخواتي الشباب اقول، انتظروا الرب، صلوا من كل القلب لكي يكون اختيار شريك الحياة بمشيئته هو وحده، يسوع المسيح، بإرشاد وتأييد الروح القدس، الحسن غش والجمال باطل، اما المرأة المتقية الرب فهي تُمدح ( امثال 31:30 )، لأنه من يجد زوجة يجد خيرًا، وينال رضًى من الرب (امثال 18:22)، والزوجة المتعقلة فمن عند الرب (امثال 19:14)، ونحن بالفعل بحاجة شديدة لنساء يتقون ويخافون الله، لان حكمة المرأة تبني بيتها (امثال 14:1)، حياتنا الروحية بحاجة لذلك، بيوتنا واولادنا ايضًا، وطبعًا كنائسنا بأَمَس الحاجة لَكُنَّ، ولحكمة كل اخت وزوجة وام، دورُكُنَّ هام جدا لنا كإخوة في جسد المسيح، الكنيسة، هام جدا لنا كأزواج واباء، انتُنَّ عزيزات مُكرَّمات في اعيننا وقبل كل شيء في قلب الله، انتن معينات لنا، في البيت والزواج، في الكنيسة والخدمة، في المجتمع والحياة، مع ان حواء سقطت في فخ ابليس، وادم تذمر وتهرب من المسؤولية، ولكن نحن في ايام صعبة جدا جدا، نحن رجال ونساء، شباب وشابات، بحاجة ان نكون جسد واحد، نفس واحدة بل فكر وروح واحد ان كان في الكنيسة او في البيت.

ايها النساء، اخضعن لرجالكن كما للرب، لان الرجل هو رأس المرأة كما ان المسيح ايضًا رأس الكنيسة، وكما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء (افسس 5:22)، نحن كمؤمنين نحب المسيح لذلك نخضع له ونطيعه، لأنه يحبنا، ويعرف ما هو لخيرنا بل ويريد الافضل لنا، فكيف لا نخضع للحبيب؟!

كذلك النساء، في روح الوداعة والمحبة عليهن الخضوع لرجالهن، كما يقول الكتاب في كل شيء.
اختي المؤمنة، هذه هي وصية الرب الاله، وفي تتميم ذلك سوف تختبرين مجد الرب في حياتك، عائلتك بل وكنيستك ايضًا، اخضعي بكل محبة لزوجك كما للرب، وان كان زوجك لا يُقَدِّر ذلك، فالرب الاله يرى ويسمع، وهو يريد خيرك وعائلتك، ولكن ينبغي ان يطاع الله أكثر من الناس، ان كان زوجك يريد ابعادك عن مخلصك ربك وحبيبك يسوع المسيح.

وحتى لو كان زوجك غير مؤمن، وهو يرتضي ان يسكن معك، فلا تتركيه، لان الرجل غير المؤمن مقدس في المرأة، ولكن ان فارق غير المؤمن فليفارق! لان الله قد دعانا في السلام (كورنثوس الاولى 7:13).

اخي المؤمن، الرب اوصاني واوصاك ان نحب نساءنا كما أحب المسيح ايضاً الكنيسة، وأسلم نفسه لأجلها، نحب نساءنا كأجسادنا، لان من يحب امرأته يحب نفسه، لأننا وزوجاتنا جسد واحد، نعم انه سِر عظيم، ولكن هذا ما اوصى به بولس من نحو المسيح والكنيسة.

ربما يقول قائلاً ان زوجتي غير خاضعة لي كما اوصى الرب، ولكن السؤال هو هل نحن نحب زوجاتنا كما اوصى السيد؟ كما احبنا هو، ام نعامل الزوجة كعبدة لنا وعليها تتميم كل واجباتها الجسدية والنفسية اتجاهنا كما نريد نحن، هل هي عبدة ام معينًا نظيرًا، انها في نظر المسيح محبوبة وغالية مثلنا لأنه في المسيح ليس ذكر وانثى بل الكل واحد، انها ليست قليلة العقل والفهم، وليست اقل قيمة في نظر الله (اعذروني على هذه اللهجة، التي ليست من ايماننا ولا كتابنا ولا ربنا) لننظر الى حياة سارة، رفقة، راحيل، راحاب بطلة الايمان، راعوث، دبورة، استير، ابيجايل، مريم ام يسوع، مريم المجدلية، حنة النبية بنت فنوئيل، الامرأة التي قدمت الفلسين، فيبي، بنات فيلبس من تنبأن، بريسكيلا، طابيثا التلميذة من يافا، رودا من فتحت الباب لبطرس، ليديا بائعة الارجوان، سنتيخي وافودية من جاهدتا مع بولس في الخدمة، هل نتعلم نحن الرجال والاخوة من ايمانهن، من حياتهن وخدمتهن؟

نحن جسد المسيح الرجال والنساء، الشباب والشابات، الاطفال والشيوخ، كلنا بحاجة ان نفهم كم نحن غاليين على قلب الرب، لكي نحب بعضنا بعضًا، الزوج والزوجة، الاخ والاخت والشريك في خدمة السيد، الذي يربطنا هو الروح القدس، لذلك الرباط يجب ان يكون اولاً بالروح، النفس واخيرًا الجسد، ولكن قبل كل شيء شركة وانسجام في الروح، صلاة وخدمة في الروح، وبعدها الجسد، لكي لا نسلب احدنا الاخر، بل يكون على موافقة، ليوفِ الرجل المرأة حقها الواجب، كذلك المرأة ايضًا الرجل، لأنه ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل، كذلك الرجل ايضاً ليس له تسلط على جسده بل المرأة، الا ان يكون على موافقة، الى حين، لكي تتفرغوا للصوم والصلاة، ثم تجتمعوا ايضًا معًا لكي لا يجربكم الشيطان لسبب عدم نزاهتكم (كورنثوس الاولى5-7:3).

فنحن لنا فكر المسيح، فكر الكتاب المقدس، نرفض كل تعليم بشر، وان نعطي للحرية بالروح فرصة للجسد وشهوته، حاشا! حتى وان سلكنا في الماضي في شهوة الجسد، فان الاشياء العتيقة قد مضت، هوذا الكل قد صار جديدًا مع يسوع، وخطايا الماضي غفرت بدم المسيح، ولكن دعونا نرفض كل تهاون مع خطية الزنا والشهوة، لان من يزني يخطئ الى جسده.

كم من الامراض الجسدية، النفسية وفوق كل شيء الروحية هي نتيجة الزنا والشهوة؟ وليس فقط الممارسات الجنسية الشاذة، بل كما قال سيدنا المبارك من نظر الى امرأة ليشتهيها، فقد زنا بها في قلبه! فكن بالحري ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج المقدس؟ حتى في فترة الخطوبة، ان كان احد يظن انه يعمل بدون لياقة نحو عذرائه اذا تجاوزت الوقت، وهكذا لزم ان يصير، فليفعل ما يريد، انه لا يخطئ، فليتزوجا، ونقول ثانية فليتزوجا، لان رباط الجسد يكون فقط بعد الزواج كما اوصى بولس (كورنثوس الاولى 7:36). 

حتى كوننا زوج وزوجة، لنسمع وصية الرسول في العبرانيين 13:4، بان يكون الزواج مكرمًا عند كل واحد، والمضجع غير نجس، واما العاهرون والزنا فسيدينهم الله، لأنه حتى بين الزوجين هناك حدود، وليس كل شيء مسموح! كما ذكر بولس في رومية 1:24 عن الذين اهانوا اجسادهم بين ذواتهم، وعن الذين اناثهم استبدلن الاستعمال الطبيعي بالذي على خلاف الطبيعة، لان الطبيعة تعلمنا ما هو الاستعمال الغير الطبيعي الذي يُؤذي الجسد، النفس والروح ايضًا! 

كذلك الذكور ايضًا تاركين استعمال الانثى الطبيعي، اشتعلوا بشهوتهم بعضهم لبعض، فاعلين الفحشاء ذكورًا بذكور، ونائلين في أنفسهم جزاء ضلالهم المحق.

تعرفت على اخوة اثنين، كانوا ضحية للشيطان واكاذيبه، (واحد منهم يخدم ويبشر اليوم بالإنجيل في قرى ومدن ايطاليا) واعتقدوا ان ممارسة الجنس بين الرجل والرجل امر جيد ومرضي، ولكن الرب رحمهم وتحرروا من فخ ابليس، واشكر الرب على مراحمه الكبيرة نحو هؤلاء الاحبة، لأنه لم يأتي ليدين بل ليخلص من قد هلك، لان كل شذوذ جنسي نهايته الدينونة وبحيرة النار والكبريت، ولكن الله ما زال ينادي اليوم وغدًا، وباب التوبة ما زال مفتوحًا، للتحرر من فخاخ ابليس لكي ننال الخلاص والحياة الابدية، وحتى لو كنت عبد للجنس، اخي واختي، تعال للمسيح القادر ان يحررك الى التمام كما صنع من راحاب بطلة ايمان، ومن الملك داود الذي سقط في خطية الزنا ورحمهُ الله، والامرأة التي امسكت في ذات الفعل، والامرأة الخاطئة التي مسحت رجلي يسوع، لا تخاف ولا تخافي، ولا تترددوا، تعالوا ليسوع فهو يحبكم كما انتم...

هللويا، مبارك اسم الرب يسوع المسيح، الذي ابتدأ عمل مبارك في حياتنا اخوتي واخواتي، وسوف يتمم.

المجد لاسمه العظيم، لنثق به انه قادر ان يحفظ الوديعة، ايماننا، خلاصنا، خدمتنا وزواجنا ايضًا الى يوم رجوعه، لكي نقول مع يشوع: اما انا وبيتي فنعبد الرب...

ونختم بما كتب الحكيم سليمان في كتاب الامثال 5:15:
" اشرب مياهًا من جُبِّكَ، ومياهًا جاريًة من بئرك، لا تفض ينابيعك الى الخارج، سواقي مياه في الشوارع.

لتكن لك وحدك (رجل واحد وامرأة واحدة)، وليس لأجانب معك، ليكن ينبوعك مباركًا وافرح بامرأة شبابك، الظبية المحبوبة والوعلة الزهية، ليروك ثدياها في كل وقت، وبمحبتها اسكر دائمًا.

فلم تُفتن يا ابني بأجنبية، وتحتضن غريبة؟

لان طرق الانسان امام عيني الرب، وهو يزن كل سبله. "

دعونا بروح الصلاة رجال ونساء، شباب وشابات، اطفال وشيوخ، مؤمنين باسم ابن الله الحي، الذي احبنا وأسلم نفسه لاجنا، نقول كعروس المسيح مع الروح تعال يا رب يسوع، تعال على حياتنا، على زواجنا، على خدمتنا وكنائسنا وعلى بلادنا، ونسمع الشاهد يقول بهذا:

نعم! انا اتي سريعًا...

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا