إعجاز بداية الخلق

يبدأ الكتاب المقدس بقصة الخلق، وهذا منطقي جدًا لكتاب موحى به من الله، أن يبدأ القارئ بقراءة قصة خلق الخليقة من بدايتها لنهايتها بشكل مرتب. فيبدأ الوحي بالخلق
13 ابريل 2018 - 01:03 بتوقيت القدس

يهوه الخالق:

يبدأ الكتاب المقدس بقصة الخلق، وهذا منطقي جدًا لكتاب موحى به من الله، أن يبدأ القارئ بقراءة قصة خلق الخليقة من بدايتها لنهايتها بشكل مرتب. فيبدأ الوحي بالخلق، وينتهي الوحي بالسفر الذي يصف السماء، وتحقيق مشروع رد الله للخليقة من الفساد للنعيم الأبدي. بعد خلق الكون في سفر التكوين، نرى خلق الإنسان واستعراض بداية أساسات حياة البشر التي نعيشها اليوم من أين أتت؟ بداية كل شيء في الحياة، سلبي كان أم إيجابي؟ 

يبدأ الوحي في ثالث كلمة منه، بالتعريف عن الله باسم الجمع، "إلوهيم"، وتعني بحسب اللغة العبرية، آلهات، أي جمع إله (بحسب قامون سترونج، رقم 433).  وهو اسم فريد مميز يقدم معنى "الله الجامع"؛ الذي يجمع كل شيء في ذاته. أي هو البداية والنهاية، الله الشامل الكامل الذي منه وبه وله جميع الأشياء (رومية 11: 36).  وهو اسمٌ فريد لم يطلق على أي إله واحد في ذلك الوقت من قبل؛ ونقول واحد، لأنه يقول "خلق (بالمفرد) إلوهيم (بالجمع)".  ونرى بعدما خلق الله الخليقة في تكوين 1، بدأ يستعرض كيفية خلق آدم ومنه حواء، ووضع سر الزواج المقدس بينهما ومبادئه، وتوكيله على الأرض، في تكوين 2. فقبل أن يخلق آدم بآيتين، يقدم الله ذاته باسمه الوحيد الأوحد وهو "يهوه"، عند بدء الحياة على الأرض، أي منذ بداية تكاثر النباتات: 
"5 كُلُّ شَجَرِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ فِي الأَرْضِ، وَكُلُّ عُشْبِ الْبَرِّيَّةِ لَمْ يَنْبُتْ بَعْدُ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ (أي "يهوه إلوهيم") لَمْ يَكُنْ قَدْ أَمْطَرَ عَلَى الأَرْضِ، وَلاَ كَانَ إِنْسَانٌ لِيَعْمَلَ الأَرْضَ" تكوين 2. 

وبعد أن يقدم الله اسمه "يهوه"، حالا عند استعراض بداية الحياة على الأرض (نمو النباتات)؛ بعدها بآيتين فقط، يقدم كيف خلق آدم: 
"7 وَجَبَلَ الرَّبُّ الإِلهُ (أي "يهوه إلوهيم") آدَمَ تُرَابًا مِنَ الأَرْضِ، وَنَفَخَ فِي أَنْفِهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ. فَصَارَ آدَمُ نَفْسًا حَيَّةً." تكوين 2.
فيقدم الله ذاته قبل خلق آدم، على أنه الخالق الواحد "إلوهيم" (الجامع) الذي ليس غيره إله، أن له اسم واحد ووحيد، وهو "يهوه"، وهو ليس الله كما يظن العرب (عندما نقول إسم وحيد، هذا لا يعني أنه ليس له أوصاف بالكتاب كثيرة، فلله أكثر من 200 صفة في الكتاب، لكن له اسمُ واحد – يهوه). وهذا منطقي جدًا، أن يقدم الله ذاته من هو قبل بدء الحياة على الأرض؛ أي معلنا أنه في "يهوه" الله، كانت الحياة. لأن كلمة "الله" بالعربية، ليس لها أي معنى مميز وفريد من ناحية لغوية، وليس لها أيضًا أي معنى مميز بحسب الخلفية الحضارية العربية في الجاهلية والإسلام. فهي مجرد كلمة "إله" غير معرف، مع ألـ التعريف "الله" أو "الإله"!! مثل كلمة "ملك" وكلمة "الملك".  فكلمة "الملك" مع ألـ التعريف، تُعرِّف من هو الملك؛ لكن يظل معناها مفتوح بحسب سياق المتحدث والحديث؛ فيختلف المعنى مثلا إذا قيلت في الأردن أو في المغرب؟؟ إلا إذا عُرِّفَ وحُدِّدَ اسم الملك؛ مثلا عبد الله الثاني ملك الأردن، أو محمد السادس ملك المغرب، عندها تصبح مُعَرَّفة. وهذا منطقي جدًا، أن يُعَرِّف الله عن اسمه، حالا من بداية الخلق. بخلاف كلمة "الإله" أو "الله" في الجاهلية، التي ليس لها أي معنى معرَّف عن من هو الله؛ لذلك استخدمها الوثنيون، ليدلوا على وثن معين يعبدونه؛ كذلك استخدمها اليهود والمسيحيون والمسلمون من بعدهم للدلالة على إله إبراهيم، لكن منفردة، لا تُعَرِّف من هو ذلك الإله:
الوثنيون استخدموا كلمة "الله":
مثل الطفيل الغنوي، حيث قال:
جَزى اللَهُ عَنّا جَعفَراً حينَ أَزلَقَت - - - بِنا نَعلُنا في الواطِئينَ فَزَلَّت
المهلهل بن ربيعة (الزبير):
رماك الله من بغل - - - بمشحوذ من النبل
ألا يا عاذلي أقصر - - - لحاك الله من عذلي
وامرؤ القيس:
ألا قبح الله البراجم كلها - - - وجدع يربوعاً وعفر دارما
وشعراء مسيحيون، استخدموا "الله"، مثل حاتم الطائي:
أيا ابنة عبد الله، وابنة مالكٍ، - - - ويا ابنة َ ذي البُرْدينِ والفرَسِ الوردِ 
وددتُ، وبيت الله، لو أن أنفهُ - - - هَواءٌ، فما مَتّ المُخاطَ عن العَظمِ
ومنهم شعراء يهود، مثل السموأل:
وقالوا: إنه كنزٌ رغيبٌ - - - فلا والله أعذر ما مشيتُ.

وطبعًا المسلمون تبنوا كلمة الله كما نعلم من بعدهم. لكن كلمة "الله" ليست كلمة مميزة أو فريدة، بل كلمة عامة تكتسب المعنى بحسب سياقها في النص ومن المتحدث بها؛ مثل إضافة ألـ التعريف لكلمة "ملك" (الملك)، لا تجعلها معرفة، إلا إذا عرفت اسم ذلك الملك، كما رأينا. وجدير بالذكر أيضًا أن كلمة "الله" هي ليست ضمن أسماء الله الحسنى عند المسلمين، مع أنهم يتعاملون معها كأنها اسمه الخاص، فلا يترجمونها للغات غير عربية مثلا! لكنها ليست اسمه، بل تعبر عن مكانته؛ هو الله الواحد، الخالق.  بينما في وحي الكتاب المقدس، نرى الله في ثالث كلمة من الوحي، يقدم ذاته بكلمة فريدة "إلوهيم"، وقبل بدء الحياة على الأرض، يُعَرِّف عن اسمه الوحيد الفريد المجيد "يهوه إلوهيم"؛ وهو اسم فريد لم يستخدم من قبل وبعد، إلا في وحي الكتاب المقدس. 
جدير بالذكر أيضًا أنه من النص، يتبرهن أن اللغة العبرية هي لغة الوحي الأصلي، ونعلم هذا من عشرات الأدلة، لكن إذا بقينا في تكوين 2: 7، الواردة أعلاه، نرى من هناك أن الله جبل آدم من تراب الأرض "أدماه" (الذي منه أتى اسم "آدم") ونرى أنه جُبل من التراب الأحمر، وبالعبري اللون الأحمر يسمى: "أدوم". فهناك تجانس بديهي وواضح بين المفردات: آدم، أدماه، أدوم. بينما في العربي: آدم، تراب أو صلصال، أحمر!! أي لا يوجد أي تجانس بين الكلمات، مما يبرهن أن اللغة العربية هي لغة حديثة على خط الوحي، وليس لها أي علاقة بلغة الوحي الأصلية.

بداية الخلق:

يبدأ الوحي الإلهي بقوله عن يهوه إلوهيم الخالق الجامع الواحد: 
" 1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ (بالمفرد) اللهُ (إلوهيم، بالمجمع) السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ." تكوين 1.
فيبدأ الكتاب بخلق ثلاثة أساسات الخليقة: (1) الزمن (2) الفضاء (3) والمادة. لأنه يقول "في البدء (يعني خلق الزمن، وفيه بداية العد الزمني) خلق الله (يُعَرِّف الخالق "إلوهيم"، أنه من بدأ الخلق) السموات (الفضاء) والأرض (المادة)" (تكوين 1: 1). وهذا كلام في قمة الإعجاز العلمي الساحق، لأنه يجب على الثلاثة أركان هذه أن تُخلق معًا، وبحسب الترتيب الوارد بأقصى درجات الدقة العلمية. أولا الزمن، ثم الفضاء، ثم المادة.  فإذا خلق الله المادة قبل خلق الزمن، متى يكون قد خلقها؟؟ وكيف توجد المادة قبل بدء الزمن؟ فلو حدث هذا، تكون المادة كألله أزلية الوجود، أي بلا بداية، وبالتالي غير مخلوقة! وهذا مستحيل لأن الله خلقها، والله هو الوحيد الأزلي، غير المخلوق! وإذا خلق الله المادة قبل الفضاء، أين سيضعها بدون وجود مكان لوضعها؟؟ ونرى في الوحي الإلهي قمة الدقة العلمية، حيث يذكر من خلق؟ وهو يهوه، الخالق، وليس الله أو غيره من الآلهات غير المعرفة. ويذكر الترتيب في الخلق: الزمن، ثم الفضاء، ومن ثم المادة. يا له من وحي عجيب مجيد، لا يمكن أن يبتدعه أي إنسان يعيش في الألفية الثانية قبل الميلاد أبدا – أي موسى؟!

أساس الثالوث في الخلق:

أيضًا نرى حقيقة مُعجزة، وهو أن أركان الخليقة الأساسية التي خلقها الله، ثلاثية: الزمن، السموات، والأرض. وأيضًا كل ركن من أركان الخليقة، هو ثلاثي:
الزمن: فيه ثلاثة أركان (1) ماضي (2) حاضر (3) ومستقبل. 
السموات: فيها ثلاث سموات بحسب الوحي (1) سماء الطيور، أي الطبقة الغازية المحيطة بالأرض
(2) الفضاء، (3) وعالم الله (عالم الأرواح) (راجع 2 كورنثوس 12: 2). 
المادة: وتكمن في ثلاثة أشكال: (1) جماد (2) سائل (3) وغاز. 

وهذا ليس بغريب، فهو يعكس طبيعة الله الواحد المثلث الأقانيم، كما أظهره الله في وحيه في أول ثلاثية من الآيات في الكتاب!!!! الله الآب في أول آية؛ الله الروح القدس في الآية الثانية، والله الكلمة في الآية الثالثة:
"1 فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ. 2 وَكَانَتِ الأَرْضُ خَرِبَةً وَخَالِيَةً، وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ، وَرُوحُ اللهِ يَرِفُّ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ. 3 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ»، فَكَانَ نُورٌ." سفر التكوين 1. 
فنلاحظ هنا أنه من بداية الخلق ومن أول ثلاث آيات!! يذكر أن الله خلق السموات والأرض، بعدها يذكر "روح الله"، وبعدها يقول: "قال الله"، أي يذكر "كلمة الله".  لذلك هو إله واحد مثلث الأقانيم: الله، روحه، وكلمته. 

جدير بالذكر هنا، أن قضية "قال الله" يعترض عليها البعض، فيقولون أنها ليست دليل كافٍ، لهذا الاستنتاج. لكن هذا الاستنتاج هو غير مبني على هذه الآية فقط، بل من آيات أخرى، مثل: 
"6  بِكَلِمَةِ الرَّبِّ صُنِعَتِ السَّمَاوَاتُ، وَبِنَسَمَةِ فِيهِ (وبالعبري: "بروح فَمِهِ") كُلُّ جُنُودِهَا" مزمور 33 (نفس ما ذكر في سفر التكوين تمامًا). 
فمن ناحية منطقية، لو كان الله غير مثلث الأقانيم، لماذا حدد أقانيمه الثلاثة من بداية وحيه، وقبل المسيحية بحوالي 4000 سنة؟؟ فنرى أنه كان مشترك في الخلق، الله، روحه وكلمته؛ وهؤلاء الثلاثة هم واحد، وهو الله إلوهيم الجامع، اسمه يهوه الخالق. ونرى كيف الوحي حدد في العهد الجديد دور أقنوم الكلمة، أي المسيح أو الابن، حيث قال:
"1 فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللهَ... (ويعود يكرر ما ورد في بداية سفر التكوين!!) 3 كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ (أي كل شيء بأقنوم الكلمة قد خلق). 4 فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ... (وأكد أن ذلك الأقنوم الذي به خلق كل شيء، وهو الله بحسب الآية 1، تأنس للبشر) 14 وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا وَحَلَّ بَيْنَنَا، وَرَأَيْنَا مَجْدَهُ، مَجْدًا كَمَا لِوَحِيدٍ مِنَ الآبِ، مَمْلُوءًا نِعْمَةً وَحَقًّا." يوحنا 1.
وقضية خلق الكون بأقنوم الكلمة، يؤكده وحي العهد الجديد بكل وضوح في عدة أماكن، منها:
"(عن المسيح) 14 الَّذِي لَنَا فِيهِ الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا.... 16 فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ: مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى، سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشًا أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ" كولوسي 1.

هناك سؤال يتردد عند الكثير من المعترضين:
كما ورد في الآية الثالثة "3 وَقَالَ اللهُ: «لِيَكُنْ نُورٌ» فَكَانَ نُورٌ"؛ كيف وُجِد النور والنهار من اليوم الأول، قبل خلق الشمس في اليوم الرابع، تكوين 1: 14 ؟؟

للرد على السؤال هناك نقطتين هامتين:

أولا: الكثير من المفسرين يرجعون لليوم الرابع على أساس أنه به خلق الزمن، وهذا كما قلنا غير صحيح، فالآية تقول: "14 وَقَالَ اللهُ: «لِتَكُنْ أَنْوَارٌ فِي جَلَدِ السَّمَاءِ لِتَفْصِلَ بَيْنَ النَّهَارِ وَاللَّيْلِ، وَتَكُونَ لآيَاتٍ وَأَوْقَاتٍ وَأَيَّامٍ وَسِنِينٍ" (تكوين 1)؛ فمن كلمة "لتفصل" نعلم أنه لا يتكلم هنا عن خلق الزمن، بل عن خلق الأداة التي تساعد الإنسان ليحدد أو يقرأ الزمن. وهي عن طريق رصد الكواكب والشمس، الليل والنهار، والفصول السنوية... إلخ. لكن هذا لا يعني أنه لم يكن هناك مساء وصباح وأيام من اليوم الأول للخلق، كما يقول الوحي. فإذا عشت في زنزانة ليس فيها أي نور يساعدك على تحديد الزمن الذي أنت فيه، هذا لا يعني أنه لا يوجد نهار وليل في الخليقة!! أو إذا عشت في شمال السويد، حيث هناك حوالي أربع أشهر في السنة ليل، وأربع أشهر نهار؛ لكن هذا لا يعني أن النهار أصبح أربع أشهر فعلا، فعدم رأيتك لليوم الأرضي، الـ 24 ساعة، لا يعني أنه غير موجود أو غير قائم. لأن الزمن خلق أول الكل، ومنه بدأت نقطة بداية الخلق كما قلنا.

ثانيًا: من جهة "ليكن نور"، أي نور هنا يتكلم عنه في اليوم الأول، إذا كان الله قد خلق الشمس والكواكب في اليوم الرابع؟؟
إن النور في اليوم الأول، يوضح معناه الوحي نفسه، بأنه نور المجد الإلهي، وهو أعظم نور في الخليقة. فمعنى "قال الله ليكن نور"، تعني أن الله قال ليظهر "نور معرفة مجد الله" في الخليقة؛ لكي يراه البشر ويمجدوا الخالق. وهذا غير مبني على الهوى، بل بحسب الوحي ذاته، حيث يقوله تعقيبًا على تكوين 1: 3 
"لأَنَّ اللهَ الَّذِي قَالَ: «أَنْ يُشْرِقَ نُورٌ مِنْ ظُلْمَةٍ» (عن تكوين 1: 3)، هُوَ الَّذِي أَشْرَقَ فِي قُلُوبِنَا، لإِنَارَةِ مَعْرِفَةِ مَجْدِ اللهِ فِي وَجْهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (2 كورنثوس 4: 6).
إذًا عندما أمر الله بأن يظهر النور، يظهر لنا الوحي بأنه "إنارة معرفة مجد الله"، التي يكمن في معرفة يسوع المسيح كالصورة الإلهية الكاملة المتجلية للبشر. وهاذان العمودان يشكلان الأساس لمعرفة مجد الله، أي للاقتران بالله وعبادته. فالخليقة تحدث بمجد وطبيعة خلق الله العظيم العجيب (كما تؤمن الكثير من الديانات، مثل البوذية؛ وهو فعلا جزئ من الحقيقة)؛ لكن هناك العمود الثاني لمعرفة مجد الله، هو أن ذلك النور الإلهي، تجلى للبشر بوجه يسوع المسيح؛ كأقنوم الله الابن، الذي أتى ليخبر البشر لماذا خلق الله ما خلق؟ 
إذًا الخليقة: تظهر عظمة خلق الله
أقنوم الابن، الكلمة: يُظهر للبشر، لماذا خلق الله ما خلق؟ أو ما هو هدفه من وراء الخلق؟

كما يقول الوحي في نصوص كثيرة مثل:
"1 اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ، وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ 2 يَوْمٌ إِلَى يَوْمٍ يُذِيعُ كَلاَمًا، وَلَيْلٌ إِلَى لَيْل يُبْدِي عِلْمًا (أي يظهر للباحثين علمًا عن مجد الله)" مزمور 19.
"20 لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ، قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ، حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ" رومية 1.
من الناحية الثانية، إن شعار النور الإلهي الأزلي الذي لا يزول، نراه في قرائن أخرى واضحة ومرتبطة في نهاية الخليقة، حيث تنبأ أشعياء، أنه في السماء الجديدة والأرض الجديدة، لن يكون هناك شمس، بل نور الله سيغمرها بدون أي نور آخر: 
"19 لاَ تَكُونُ لَكِ بَعْدُ الشَّمْسُ نُورًا فِي النَّهَارِ، وَلاَ الْقَمَرُ يُنِيرُ لَكِ مُضِيئًا، بَلِ الرَّبُّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا وَإِلهُكِ زِينَتَكِ. 20 لاَ تَغِيبُ بَعْدُ شَمْسُكِ، وَقَمَرُكِ لاَ يَنْقُصُ، لأَنَّ الرَّبَّ يَكُونُ لَكِ نُورًا أَبَدِيًّا، وَتُكْمَلُ أَيَّامُ نَوْحِكِ." أشعياء 60. 
وأيضًا يؤكد على هذه الحقيقة السفر النبوي في العهد الجديد، سفر الرؤيا: 
"1 ثُمَّ رَأَيْتُ سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً، لأَنَّ السَّمَاءَ الأُولَى وَالأَرْضَ الأُولَى مَضَتَا، وَالْبَحْرُ لاَ يُوجَدُ فِي مَا بَعْدُ." رؤيا 21. بعدها يقول: " 5 وَلاَ يَكُونُ لَيْلٌ هُنَاكَ، وَلاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى سِرَاجٍ أَوْ نُورِ شَمْسٍ، لأَنَّ الرَّبَّ الإِلهَ يُنِيرُ عَلَيْهِمْ، وَهُمْ سَيَمْلِكُونَ إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ." رؤيا 22.

شارك المقالة:
هل لديك سؤال عن الإيمان المسيحي؟ نحن مستعدون لاجابتك راسلنا